قد تكون العمارة من أقدم النشاطات البشرية حيث حاول الإنسان منذ أن سكن الكهوف التحكم في بيئته المحيطة. لكن منذ فجر الثورة الصناعية وصولاً ليومنا هذا تسارعت وتيرة التطورات في هذا المجال وصولاً لمنظومات متكاملة ومدمجة للتحكم بالمباني و البيئة المبنية. والأن مع التطور التقني الكبير وثورة انترنت الأشياء أصبحت منظومات إدارة المباني أكثر تطوراً حتى أنها منذ عام 2025 ستصبح إجبارية ضمن الإتحاد الأوربي لكل الأبنية العامة. دعونا نتعرف سوياً على هذه التقانات الحديثة في مجال العمارة حيث تعتبر نظم إدارة المباني من أهم أدوات الإدارة الحديثة.
أسماء متعددة:
لهذه المنظومات أسماء متعددة كانت نتيجة التطور حيث تم تسميتها بنظم إدارة المباني (Building Management System ) أو كما عرفت في مناطق أخرى من العالم (Building Automation and Control System) أنظمة الأتمتة والتحكم في المبنى حيث الغاية منها التحكم بالكهرباء و التدفئة والتهوية والتكييف وفي الأونة الأخيرة إضيف إلى ذلك التحكم بانتاج واستهلاك الطاقات المتجددة من الألواح الشمسية أو من عنفات ريحية.
ماهي نظم إدارة المباني المدمجة (Integrated Building Management System)؟
هي أكثر أنظمة إدارة المباني حداثة، حيث لا تتحكم فقط بكل الأنظمة التي ذكرناها سابقاً، إنما يمتد نطاق عملها للتحكم ببيئة المبنى بشكل كامل. لذلك فهي تتحكم بإمكانية الدخول والخروج من المبنى، بنظام كاميرات المراقبة، ونظام الإنذار ومكافحة الحريق، بالإضافة للعديد من الأنظمة الأخرى الممكن تركيبها في أي مبنى.
من خلال التحكم المركزي بكل الأنظمة التي يحتويها المبنى ويحتاجها لأداء عمله تؤمن أنظمة أدارة المباني إمكانية تحكم كاملة من غرفة واحدة لجميع الأنظمة مما يزيد من كفائة استخدام المبنى. لهذا معظم الأبنية العامة الجديدة تبنى وهي تحتوي مسبقاً نظام إدارة وستصبح شرطاً إجبارياً ضمن دول الإتحاد الأوربي مع بداية العام 2025 لكل الأبنية العامة الجديدة.
مامكونات نظام إدارة المبنى؟
يتألف أبسط أشكال نظام إدارة المبنى من برنامج حاسوبي (الجزء البرمجي)، و مخدم و حساسات ذكية متصلة بشبكة تتمكن من الولوج إلى شبكة الإنترنت. تجمع الحساسات كمية كبيرة من البيانات التي يتم تخزينها على المخدم، ومن ثم يقوم البرنامج الحاسوبي بمعالجة البيانات واتخاذ اجراءات مناسبة. وغالباً ما يتم عرض هذه الإجراءات على شاشة مراقبة أو عن بعد من خلال شبكة الإنترنت.
في حين تتكون أنظمة إدارة المباني المعاصرة من خمسة مكونات أساسية تعمل مع بعضها مكونة نظاماً متكاملاً. أول هذه الأجزاء الحساسات التي تقيس بيانات مختلفة مثل الرطوبة أو درجة الحرارة أو شدة الضوء والكثير من البيانات الأخرى. تنقل هذه البيانات إلى المتحكمات والتي هي عقل المنظومة. بناء على بيانات الحساسات تعطي المتحكمات أوامر للأجهزة المتصلة بها مثل جهاز التكييف المركزي أو جهاز تنقية الهواء حيث تقوم هذه الأجهزة بتنفيذ مهمة محددة مسبقاً. يتم التواصل بين هذه المكونات من خلال لغة برمجية من إحدى لغات البرمجة. المكون الأخير في المنظومة هو لوحة التحكم التي تمكن مشغلي المبنى من الإطلاع على كافة المعلومات كما تمكنهم من التحكم اليدوي بأي جزء من المنظومة.
لماذا استخدام نظم إدارة مبنى؟
من الأسباب الأساسية لتطوير واستخدام هذا النوع من الأنظمة ترشيد استهلاك الطاقة في الأبنية العامة. تشير التقديرات ضمن الاتحاد الأوربي أن المباني التي تستخدم أنظمة مشابهة حققت وفر في استخدام الكهرباء بنسبة 30% خلال عام 2023. كما أن هذه المباني قد حققت كفاءة أكثر بالصيانة الدورية مما جعلها دائماً في الاستثمار. من الجوانب المهمة أيضاً زيادة راحة مستخدمي المبنى و زيادة الأمان خلال أي حادث قد يقع خصوصاً في المباني العامة الضخمة وشديدة التعقيد مثل المستشفيات.
هل تركيب وتشغيل نظام إدارة مبنى مجدي اقتصادياً؟
يبقى الاقتصاد محرك أساسي لكل خطوات التطور. حالياً لا تزال تكلفة الإنشاء لمعظم أنظمة إدارة المباني مرتفعة حسب التقديرات العالمية. لكن الاستثمارات المخططة بشكل جيد تتمكن من استرداد هذه الكلفة في مدة لا تتجاوز 8 سنوات. بعض الأمثلة الناجحة من الاتحاد الأوربي و خصوصاً في المشافي وبعض المجمعات السكنية المعاصرة تمكنت من استرداد هذه الكلفة خلال 3 سنوات فقط.